حديث: «المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجر خبٌّ لئيم» وهو حديث حسن، رواه الإمام أبو داود في سننه (برقم 4757)، في كتاب الأدب، باب حُسْن العِشرة، والترمذي في جامعه (2079) في كتاب البِرّ والصلة، باب ما جاء في البُخْل، وأيضًا الإمام البخاري ولكن في كتابه «الأدب المفرد».
♦ برقم 418- في باب ما ذُكر في المكر والخديعة، كلهم عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، وفي سنده ضعف في أحد الرّواة وهو بشر بن رافع وقد جُبِر ضعفه بوجود متابع له وهو الحجّاج ابن فُرافِصَة، لذا حسّنه أهل العلم، وقد رواه الحاكم في «المستدرك» - 1: 43 و44- من طريقَيْهما.
ومعنى (غِرّ) في الحديث: أي طَيِّب القلب سليمُه لا يُضمر خلاف ما يُظهر ولا ينطوي قلبه على مكر وخداع؛ وأما معنى (خبّ) بفتح الخاء وكسرها: ما يدُلّ على صفة خلاف صفة المؤمن الصالح لأنه يُخبّئ المكر ويُخفي ما يُريد من شرّ أو أذى.
وبالتالي فإن الحديث يُفيد بيان صفة المؤمن وصفة الفاجر:
♦ فالمؤمن طيّبٌ، سليم القلب لا يُضمر سوءًا ولا يُخبِّئ مكرًا، فظاهره مثل باطنه في الطيبة والصفاء وحُسن الخُلق. لذا هو كريم الخُلُق وكريم المعاملة وكريم اليد.
♦ أما الفاجر فيُظهر بخلاف ما يُضمر من الأذى وإرادة الشرّ وتخبئة المكر... ولكنْ سرعان ما تنكشف خبيئته فيظهر على حقيقته. لذا هو لئيم أنانيّ لأنه يأتي الناس بالإساءة من حيث يَطمئنّون أنه بظاهره لا يُخفي عكسه في قلبه ولا يخطّط لمكرٍ أو إساءة!!
فالنبي- صلى الله عليه وسلم- بهذا البيان يحثّ المسلم على الاتّصاف بما هو معهود منه من الطيبة واستواء السر والعلانية وكَرَم الخُلُق... وعلى التمايز عن خُلُق الفاجر اللئيم. هذا من جهة ومن جهة ثانية يوجّه المسلمين- وهذا التوجيه معنيّ به في الدرجة الأولى الدعاةُ والمربُّون- لليقظة والفطنة حتى يتعرّفوا على صفات الأشخاص ومسلكيّاتهم... وعلى بواطنهم ونفسيّاتهم، كما نطقَتْ به حكمةُ الحكيم الشاعر:
ومهما يكُنْ عند امرئٍ من خليقةٍ *** وإنْ خالها تَخفى على الناس تُعْلَمِ
وأخيرًا أنصح جدًّا بالاستفادة من كتاب الداعية الناصح العالِم د. محمد موسى الشريف «العبادات وأثرها في حياة المؤمنين».
اللهم نوّر بواطنَنا حتى نخشاك في سرّنا وعلانيتنا، وأصلح قلوبنا حتى تستقيم سَجِيّتُنا وطويّتُنا... فإنك لطيف رحيم بنا... يا أرحم الراحمين.
الكاتب: حسن قاطرجي.
المصدر: موقع الألوكة.